انتخب مجلس النواب العراقي، هيبت الحلبوسي، رئيساً جديداً له في جلسته الأولى بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر الماضي. يمثل هذا الانتخاب خطوة حاسمة نحو تشكيل حكومة جديدة في العراق، بعد أشهر من الجمود السياسي. وقد حظي الحلبوسي بـ 309 صوتاً، مما يؤكد دعمه الواسع من مختلف الكتل النيابية.
عقدت الجلسة في مبنى البرلمان ببغداد، برئاسة أكبر النواب سناً، عامر الفايز. شهدت الجلسة ترشح كل من عامر عبدالجبار وسالم العيساوي بالإضافة إلى هيبت الحلبوسي لمنصب الرئاسة، قبل أن يحسم الحلبوسي الفوز في الجولة الأولى من التصويت.
انتخاب رئيس مجلس النواب: بداية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة
يأتي انتخاب رئيس مجلس النواب في سياق جهود متسارعة لإنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد. وفقاً للدستور العراقي، فإن الخطوة التالية هي انتخاب رئيس للجمهورية خلال 30 يوماً من الجلسة الأولى للبرلمان. عادةً ما يُنظر إلى منصب رئيس الجمهورية على أنه منصب رمزي، ويُحجز تقليدياً للمكون الكردي.
خلفية عن توزيع المقاعد
يتألف البرلمان العراقي الحالي من 329 مقعداً، موزعة بين المكونات الرئيسية وفقاً لنتائج الانتخابات. حصل المكون الشيعي على الغالبية العظمى بـ 197 مقعداً تقريباً، يليه المكون السني بـ 67 مقعداً، ثم المكون الكردي بـ 56 مقعداً. كما حجزت حصة للأقليات المسيحية والشبكية والصابئة والكرد الفيليين، بإجمالي 9 مقاعد.
بعد انتخاب الرئيس، سيطلب منه تكليف الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة. عادةً ما تتولى الكتلة الشيعية رئاسة الوزراء، وهو المنصب الأكثر نفوذاً في السلطة التنفيذية. ومع ذلك، فإن عملية تشكيل الحكومة في العراق غالباً ما تكون معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً بسبب التنافس بين الكتل السياسية المختلفة والمفاوضات حول توزيع المناصب الوزارية.
في تطور لافت، أعلن رئيس “تحالف العزم” مثنى السامرائي عن انسحابه من الترشح لمنصب رئيس البرلمان خلال الجلسة. لم يقدم السامرائي تفاصيل حول أسباب انسحابه، لكن هذه الخطوة قد تؤثر على ديناميكيات التحالفات السياسية داخل البرلمان.
من جهته، صرح النائب عن “كتلة الصادقون” النيابية، محمد البلداوي، بأن “الإطار التنسيقي” سيعلن عن الكتلة الأكبر في البرلمان. يشير هذا إلى سعي الكتل الشيعية إلى تقديم مرشح موحد لرئاسة الوزراء، وهو ما قد يسهل عملية تشكيل الحكومة.
منذ الانتخابات التشريعية الأولى في العراق عام 2005، استقر نظام المحاصصة السياسية على توزيع المناصب الرئيسية بين المكونات الرئيسية. يُعتبر هذا النظام بمثابة آلية لضمان تمثيل جميع المكونات في السلطة، ولكنه تعرض أيضاً لانتقادات بسبب إعاقة الإصلاحات وتعزيز الفساد.
تعتبر عملية تشكيل الحكومة الجديدة في العراق اختباراً حقيقياً للعملية السياسية في البلاد. يتوقع المراقبون أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مفاوضات مكثفة بين الكتل السياسية المختلفة، بهدف التوصل إلى اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد.
الخطوة التالية الحاسمة هي انتخاب رئيس الجمهورية خلال المدة الزمنية المحددة، ومن ثم تكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة. يبقى من المبكر التكهن بمسار هذه العملية، ولكن من المؤكد أن نتائجها ستكون ذات تأثير كبير على مستقبل العراق السياسي والاقتصادي. يجب مراقبة التطورات المتعلقة بتشكيل الكتلة الأكبر وتوزيع الحقائب الوزارية عن كثب.










