ستدفع الهند ما يقرب من ملياري دولار لاستئجار غواصة نووية من روسيا، في صفقة تضع اللمسات الأخيرة عليها بعد سنوات من المفاوضات. يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نيودلهي هذا الأسبوع، مما يعزز التعاون الدفاعي بين البلدين. وتعد هذه الخطوة جزءًا من جهود الهند لتعزيز قدراتها البحرية والاستراتيجية.
وفقًا لمصادر مطلعة، كانت المحادثات بشأن استئجار الغواصة الهجومية قد تعثرت في الماضي بسبب الخلافات حول السعر. ومع ذلك، توصل الجانبان الآن إلى اتفاق، حيث زار مسؤولون هنود حوض بناء السفن في روسيا في نوفمبر الماضي. من المتوقع أن تتسلم الهند الغواصة في غضون عامين، على الرغم من أن تعقيد المشروع قد يؤدي إلى تأخير محتمل.
أهمية الغواصة النووية لأسطول الهند
تعتبر الغواصة النووية إضافة كبيرة إلى الأسطول الهندي الحالي، حيث ستكون الأكبر من نوعها في البحرية الهندية. تتميز الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية بقدرتها على البقاء تحت الماء لفترات أطول بكثير من الغواصات التقليدية التي تعمل بالديزل والكهرباء، بالإضافة إلى كونها أكثر هدوءًا، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة. هذا يجعلها أصولًا قيمة في الدوريات في المحيطين الهندي والهادئ.
تطورت الهند بالفعل في مجال الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات وقادرة على حمل رؤوس نووية، مما يمنحها القدرة على الردع النووي من البر والبحر والجو. وتشغل الهند حاليًا 17 غواصة تعمل بالديزل، وتسعى لتوسيع قدراتها في هذا المجال.
شروط تأجير الغواصة الروسية
تشير المعلومات المتوفرة إلى أن شروط عقد الإيجار تنص على عدم استخدام الغواصة الهجومية الروسية في أي عمليات قتالية. بدلاً من ذلك، ستساعد الهند في تدريب البحارة وتحسين عمليات تشغيل الغواصات النووية، بينما تواصل نيودلهي بناء سفنها الخاصة. من المتوقع أن تبقى الغواصة الروسية مع البحرية الهندية لمدة عشر سنوات، على غرار غواصة سابقة تم استئجارها وإعادتها في عام 2021. يشمل العقد أيضًا أعمال الصيانة اللازمة.
توازن الهند في العلاقات الدولية
تأتي هذه الصفقة في وقت تسعى فيه الهند إلى موازنة علاقاتها مع مختلف القوى العالمية. فبينما تحافظ الهند على علاقاتها طويلة الأمد مع روسيا، فإنها تعمل أيضًا على تعزيز روابطها مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وقد خفضت الهند اعتمادها على الأسلحة الروسية من خلال زيادة مشترياتها من الولايات المتحدة وأوروبا.
ومع ذلك، فإن قرار الهند بالاعتماد على روسيا في مجال الغواصات النووية يوضح مدى ارتياحها للتعامل مع موسكو في المجالات العسكرية الحساسة. وقد أثار هذا الأمر انتقادات من الولايات المتحدة، حيث أعرب الرئيس دونالد ترامب عن قلقه بشأن اعتماد الهند على الأسلحة الروسية والنفط الروسي.
الطلب المتزايد على الغواصات النووية
مع تزايد الاهتمام بمنطقة المحيط الهندي، يرتفع الطلب على الغواصات النووية. تعمل أستراليا حاليًا مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة لبناء غواصات مماثلة في إطار شراكة “أوكوس” الأمنية. تعتبر تكنولوجيا نشر وتشغيل الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية حصرية لعدد قليل من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.
كما تعمل كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية. وتشير هذه التطورات إلى أهمية الغواصات النووية في الحفاظ على الأمن الإقليمي وتعزيز القدرات الدفاعية.
لم تصدر وزارة الخارجية الهندية ووزارة الدفاع الروسية أي تعليق رسمي على الصفقة حتى الآن. ومن المتوقع أن تنضم الغواصة الهندية الثالثة المزودة بصواريخ باليستية إلى القوات النووية في العام المقبل، بالإضافة إلى الغواصتين الهجوميتين اللتين تعمل الهند حاليًا على بنائهما.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التفاصيل حول شروط الصفقة وجدول التسليم. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل الولايات المتحدة والدول الأخرى على هذه الصفقة، بالإضافة إلى تأثيرها على التوازن الاستراتيجي في المنطقة. كما يجب متابعة التقدم المحرز في بناء الغواصات الهندية الخاصة، والتي تمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجية الهند لتعزيز قدراتها البحرية.










