انتقد جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لشركة “جيه بي مورغان تشيس آند كو”، البيروقراطية المفرطة في أوروبا، محذراً من أن استمرار ضعف الأداء الاقتصادي للقارة العجوز يشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد الأمريكي. وأشار ديمون إلى أن تباطؤ وتيرة الإصلاحات في أوروبا قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الاستقرار العالمي، مما يستدعي ضرورة تدخل واشنطن لتقديم الدعم. هذا التحذير يأتي في سياق نقاش متزايد حول مستقبل أوروبا وقدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية.
تداعيات ضعف أوروبا على الاقتصاد العالمي
أدلى ديمون بهذه التصريحات خلال منتدى ريغان للدفاع الوطني، مؤكداً أن أوروبا تواجه “مشكلة حقيقية” تتمثل في صعوبة التكيف مع المتغيرات العالمية وتباطؤ وتيرة الإصلاحات الهيكلية. وأضاف أن هذا الوضع دفع العديد من الشركات إلى مغادرة القارة، وقيّد الاستثمارات الأجنبية، وأضعف القدرة التنافسية الأوروبية في مجال الابتكار. على الرغم من اعترافه بجهود بعض القادة الأوروبيين، إلا أنه شدد على أن السياسات الحالية “صعبة للغاية” وتعيق التقدم.
لطالما اعتبر ديمون، الذي يقود أكبر بنك في الولايات المتحدة، أن تفكك أوروبا يمثل أحد أبرز المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي. وفي رسالته السنوية للمساهمين، حذر من أن أوروبا تواجه “مشكلات خطيرة” تتطلب حلولاً عاجلة. ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تعكس قلقاً متزايداً في الأوساط الاقتصادية الأمريكية بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي.
أبعاد التحديات الأوروبية
أشاد ديمون بإنشاء منطقة اليورو وجهود أوروبا نحو تحقيق السلام والاستقرار. ومع ذلك، حذر من أن الانخفاض في الإنفاق العسكري والتحديات التي تواجه عملية صنع القرار داخل الاتحاد الأوروبي يهددان مستقبل القارة. ويشير خبراء اقتصاديين إلى أن أوروبا تواجه تحديات متعددة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة، وتزايد الديون السيادية، والاضطرابات السياسية في بعض الدول الأعضاء.
وأضاف ديمون أن انهيار أوروبا سيكون له تداعيات وخيمة على الولايات المتحدة، مؤكداً أن “مبدأ أمريكا أولاً لن يكون له معنى إذا تفككت أوروبا”. وأوضح أن الولايات المتحدة هي الأكثر تضرراً من أي أزمة في أوروبا، نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط بينهما على جميع المستويات، بما في ذلك القيم المشتركة والمصالح الاستراتيجية.
ودعا ديمون إلى ضرورة تقديم الولايات المتحدة للمساعدة اللازمة لدعم أوروبا، مشدداً على الحاجة إلى “استراتيجية طويلة الأمد” لتعزيز قوة القارة. ويأتي هذا الاقتراح في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الولايات المتحدة وأوروبا لمواجهة التحديات المشتركة.
استثمارات “جيه بي مورغان” في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية
في سياق منفصل، أعلنت شركة “جيه بي مورغان تشيس آند كو” عن خطط لزيادة استثماراتها في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية، بما في ذلك الدفاع الوطني، والتصنيع المتقدم، والطاقة. وتهدف هذه الخطط إلى تعزيز الأمن الاقتصادي والقدرة التنافسية للولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطوة في إطار مبادرة أوسع بقيمة 1.5 تريليون دولار سيتم تخصيصها على مدى السنوات العشر المقبلة.
وأشار ديمون إلى أن الولايات المتحدة “سمحت لنفسها بالاعتماد بشكل مفرط على مصادر غير موثوقة للمعادن الحيوية والمنتجات الصناعية”. ويشرف على هذه المبادرة جاي هورين، المصرفي الاستثماري في الشركة، وتتركز على أربعة مجالات رئيسية: سلاسل التوريد، والتصنيع المتقدم، والدفاع والفضاء، واستقلالية الطاقة. كما تعتزم الشركة استثمار ما يصل إلى 10 مليارات دولار من رأس مالها لدعم شركات معينة في جهودها للتوسع والابتكار.
وفي إشارة إلى التغييرات الإيجابية في السياسات الأمريكية، أشاد ديمون بإدارة الرئيس دونالد ترامب لإيجاد سبل للحد من البيروقراطية الحكومية. وأكد أن هذه الإجراءات “جيدة” ويمكن أن تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الأمن العالمي.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مستقبل أوروبا والعلاقات عبر الأطلسي في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة. وستراقب الأسواق المالية عن كثب التطورات في أوروبا، وتقييم تأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي. كما ستكون استثمارات “جيه بي مورغان” في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية مؤشراً مهماً على توجهات السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة.










