تستعد شركة “سبيس إكس” (SpaceX) لخطوة تاريخية محتملة نحو الاكتتاب العام الأولي (IPO) بعد إتمام صفقة بيع أسهم داخلية قيمت الشركة بحوالي 800 مليار دولار. هذه الخطوة، التي تأتي بقيادة إيلون ماسك، تهدف إلى تمويل مشاريع طموحة تشمل تطوير صاروخ “ستارشيب” وشبكة “ستارلينك” للإنترنت، بالإضافة إلى إنشاء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في الفضاء وقاعدة على سطح القمر. وتعتبر هذه الصفقة مؤشراً قوياً على استعداد الشركة للدخول إلى الأسواق المالية.
أعلنت “سبيس إكس” عن استعدادها المحتمل للاكتتاب العام في عام 2026، وفقاً لرسالة داخلية اطلع عليها موقع بلومبرغ. يأتي هذا الإعلان في أعقاب زيادة كبيرة في تقييم الشركة، حيث بلغ سعر السهم الواحد 421 دولاراً في أحدث طرح ثانوي، مقارنة بـ 212 دولاراً في يوليو الماضي. هذا الارتفاع يعكس الثقة المتزايدة في مستقبل الشركة وإمكاناتها في قطاع الفضاء المتنامي.
“سبيس إكس” تتجاوز تقييمات “أوبن إيه آي” وتستعد للاكتتاب العام
بهذا التقييم، تتخطى “سبيس إكس” شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، مطورة “تشات جي بي تي”، كأغلى شركة خاصة في العالم. ويبلغ تقييم “سبيس إكس” الآن 800 مليار دولار، متجاوزةً بذلك الرقم القياسي السابق لـ “أوبن إيه آي” البالغ 500 مليار دولار. يعكس هذا التطور الهيمنة المتزايدة لـ “سبيس إكس” على صناعة الفضاء، مدفوعةً بابتكاراتها في مجال تكنولوجيا الصواريخ والخدمات الفضائية.
تعتبر “سبيس إكس” حالياً الشركة الأكثر نشاطاً في مجال إطلاق الصواريخ على مستوى العالم، وذلك بفضل صاروخ “فالكون 9” الذي أثبت كفاءته في نقل الأقمار الصناعية ورواد الفضاء إلى المدار. بالإضافة إلى ذلك، تقود الشركة قطاع توفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من خلال شبكة “ستارلينك”، التي تغطي مناطق واسعة حول العالم.
طموحات التوسع والتمويل
تهدف “سبيس إكس” إلى جمع أكثر من 30 مليار دولار من خلال الاكتتاب العام، وقد تسعى إلى تقييم إجمالي يصل إلى 1.5 تريليون دولار. هذا المبلغ الضخم سيستخدم لتمويل خطط التوسع الطموحة للشركة، بما في ذلك تطوير صاروخ “ستارشيب” الذي يعتبر مفتاحاً لتحقيق أهدافها في استكشاف الفضاء العميق. كما سيساهم في بناء مراكز بيانات متطورة للذكاء الاصطناعي في الفضاء، وإنشاء قاعدة دائمة على سطح القمر.
تجري الشركة عروض شراء أسهم مرتين في السنة، مما يتيح للمساهمين الحاليين، بما في ذلك الموظفين، فرصة تسييل جزء من استثماراتهم أو زيادة حصصهم. هذه العروض تعتبر خطوة تمهيدية للاكتتاب العام المحتمل، حيث تساعد في تحديد القيمة السوقية العادلة للشركة.
ومع ذلك، لا يزال توقيت الاكتتاب العام والتقييم النهائي غير مؤكدين. أكد بريت جونسن، المدير المالي لـ “سبيس إكس”، في رسالته أن الشركة قد تقرر عدم المضي قدماً في الاكتتاب العام إذا لم تكن الظروف مواتية. هذا التحذير يعكس المخاطر والتحديات التي تواجهها الشركة في سعيها لتحقيق أهدافها الطموحة.
تأثيرات محتملة على قطاع الفضاء والاستثمار
من المتوقع أن يكون للاكتتاب العام لـ “سبيس إكس” تأثير كبير على قطاع الفضاء العالمي، حيث سيجذب المزيد من الاستثمارات إلى هذا المجال الحيوي. كما أنه سيعزز مكانة “سبيس إكس” كشركة رائدة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وسيشجع الشركات الأخرى على تبني أساليب مبتكرة في استكشاف الفضاء وتطوير الخدمات الفضائية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاكتتاب العام إلى زيادة المنافسة في السوق، مما سيصب في مصلحة المستهلكين.
تعتبر “سبيس إكس” مثالاً رائداً على الشركات الخاصة التي تلعب دوراً متزايد الأهمية في استكشاف الفضاء. فقد أحدثت الشركة ثورة في صناعة إطلاق الصواريخ من خلال تطوير تقنيات قابلة لإعادة الاستخدام، مما أدى إلى خفض تكاليف الوصول إلى الفضاء بشكل كبير. كما أنها تعمل على تطوير تقنيات جديدة في مجالات مثل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي في الفضاء، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار والابتكار.
في الختام، تستعد “سبيس إكس” لخطوة حاسمة في تاريخها، حيث من المتوقع أن تتخذ قراراً نهائياً بشأن الاكتتاب العام في عام 2026. سيكون هذا القرار بمثابة نقطة تحول في مسيرة الشركة، وسيعكس مدى استعدادها لتحقيق أهدافها الطموحة في استكشاف الفضاء وتطوير الخدمات الفضائية. يجب متابعة تطورات الشركة عن كثب، خاصةً فيما يتعلق بتطوير صاروخ “ستارشيب” وشبكة “ستارلينك”، حيث ستكون هذه المشاريع مفتاحاً لنجاحها في المستقبل.










