تذبذبت الأسواق الأمريكية قرب مستويات قياسية في ختام تداولات العام، مع استمرار تتبع المستثمرين لمؤشرات الاقتصاد الكلي وتطورات أسعار الفائدة. شهدت الجلسات الأخيرة من العام هدوءًا نسبيًا في التداولات، بينما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، وتحول التركيز نحو أداء السلع، خاصةً المعادن النفيسة. ويراقب المستثمرون عن كثب أداء أسهم شركات التكنولوجيا، وعلى رأسها إنفيديا، وسط تقييمات متباينة حول مستقبل هذا القطاع.
ارتفع سهم شركة إنفيديا بنسبة 1.1% بعد إعلانها عن اتفاقية ترخيص تكنولوجي مع شركة غروك الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما عزز التوقعات الإيجابية حول نمو الشركة في هذا المجال الحيوي. يأتي هذا التطور في ظل تزايد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وتأثيره المحتمل على مختلف القطاعات الاقتصادية.
أسهم الشركات الأمريكية تتألق في نهاية العام
بشكل عام، حافظ مؤشرا “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” على استقرارهما مع تداول محدود، حيث قاد قطاعا المواد والتكنولوجيا المكاسب الطفيفة، بينما شهد قطاعا السلع الاستهلاكية الأساسية والطاقة بعض التراجعات. يعكس هذا التباين في الأداء حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق بشأن التوجهات المستقبلية للاقتصاد.
يستفيد السوق من ما يسمى بـ “ارتفاع سانتا كلوز”، وهي الفترة التاريخية التي تشهد عادةً ارتفاعًا في أسعار الأسهم خلال الأيام الأخيرة من العام وأول جلستين من يناير. يعزو المحللون هذا الارتفاع إلى عوامل موسمية، بالإضافة إلى التفاؤل بشأن تباطؤ التضخم وتحسن الأوضاع الاقتصادية العامة.
أشار كريغ جونسون، كبير محللي السوق في شركة باير ساندلر، إلى أن الأسواق لا تزال إيجابية ولكنها انتقائية، مع بقاء أربع جلسات تداول فقط حتى نهاية العام. وأضاف أن تحسن اتساع نطاق السوق وانخفاض التضخم يدعمان التوقعات بارتفاع قوي في الأسواق مع نهاية العام.
أداء قطاع التكنولوجيا
شهد قطاع التكنولوجيا أداءً قويًا على مدار العام، مدفوعًا بالابتكارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. ومع ذلك، يراقب المستثمرون عن كثب المخاطر المحتملة المرتبطة بتقييمات الأسهم المرتفعة في هذا القطاع.
المعادن النفيسة تسجل مستويات قياسية
بالتزامن مع هدوء تداولات الأسهم، شهدت أسعار المعادن النفيسة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجلت الذهب والفضة والبلاتين مستويات قياسية جديدة. يعزى هذا الارتفاع إلى تزايد التوترات الجيوسياسية وضعف الدولار الأمريكي، مما جعل المعادن النفيسة ملاذًا آمنًا للمستثمرين.
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.82%، بعد أن بلغ ذروته فوق 4530 دولارًا للأونصة. كما ارتفعت أسهم شركات التعدين، مثل كوير ماينينغ وفريبورت-ماكموران، مستفيدة من ارتفاع أسعار المعادن.
بالإضافة إلى ذلك، اتجهت أسعار النفط نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ أكتوبر، مدفوعةً بتوقعات بشأن مخاطر الإمدادات. تأثرت الأسواق بتقارير عن فرض الولايات المتحدة قيودًا جزئية على شحنات النفط الخام من فنزويلا، بالإضافة إلى الضربة العسكرية التي شنتها واشنطن على جماعة إرهابية في نيجيريا.
توقعات أداء الأسهم في 2026
حتى الآن، ارتفع مؤشر الأسهم الأمريكية بنسبة 18% تقريبًا منذ بداية العام وحتى 24 ديسمبر، مسجلاً بذلك العام الثالث على التوالي من المكاسب المكونة من رقمين. ويتوقع محللو وول ستريت استمرار هذا الصعود، حيث تشير بيانات بلومبرغ إلى أن متوسط التوقعات للمؤشر سيبلغ 7464 نقطة بنهاية العام المقبل، ما يعني ارتفاعًا محتملاً بنحو 7.7%.
عادت الثقة إلى توقعات أرباح الشركات، خاصة بعد المخاوف السابقة من المبالغة في تقييم أسهم شركات التكنولوجيا. ويتزايد رهان المستثمرين على قدرة الشركات على تحقيق نمو الأرباح اللازم لتبرير أسعارها في عام 2026.
أشار برايان جاكوبسن، كبير الاستراتيجيين الاقتصاديين في شركة أنيكس لإدارة الثروات، إلى أن عام 2026 من المرجح أن يكون عامًا حاسمًا للأسواق، حيث يجب على الشركات تحقيق مكاسب ملموسة في الإنتاجية وهوامش الربح من الذكاء الاصطناعي والاستثمارات الأخرى.
وفي أخبار الشركات الأخرى، ارتفعت أسهم شركة تارجت بنسبة تصل إلى 6.7% بعد أن ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن شركة تومز كابيتال لإدارة الاستثمارات قد استثمرت مبلغًا كبيرًا في الشركة. في المقابل، تراجعت أسهم شركة وارنر بروس ديسكفري بعد تقرير نشرته صحيفة نيويورك بوست يفيد بأن شركة باراماونت سكاي دانس قد تتراجع عن عرضها للاستحواذ على الشركة، وتلجأ بدلًا من ذلك إلى مقاضاة مجلس الإدارة. كما شهدت أسهم شركة كوبانغ ارتفاعًا بنسبة 10% بعد أن أفادت وكالة يونهاب للأنباء الكورية الجنوبية بأن الشركة قد حددت هوية موظف سابق متهم بالوصول إلى بيانات شخصية تخص حوالي 33 مليون عميل. وانخفضت أسهم شركة بيوهافن بعد فشل تجربة سريرية في منتصف المرحلة لعلاجها التجريبي للاكتئاب في تحقيق هدفها الرئيسي.
تسببت الأحوال الجوية الشتوية القاسية في تعطيل حركة السفر في جميع أنحاء شمال شرق الولايات المتحدة، وأُلغيت مئات الرحلات الجوية في مطارات نيويورك الرئيسية. وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية أن تشهد مدينة نيويورك تساقطًا للثلوج يتراوح بين 13 و23 سنتيمتراً.
من المتوقع أن يستمر التركيز على بيانات التضخم ومواقف البنوك المركزية خلال الأسبوع المقبل، مما قد يؤثر على اتجاهات الأسواق. كما يجب مراقبة التطورات الجيوسياسية وأي تغييرات في أسعار النفط، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أداء الأسهم والسلع. يبقى السوق عرضة للتقلبات، ويتطلب من المستثمرين الحذر والمتابعة الدقيقة للتطورات الاقتصادية والسياسية.










