تخطط حكومة رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي لتقديم ميزانية أولية قياسية للسنة المالية القادمة التي تبدأ في أبريل 2026، حيث من المتوقع أن تصل إلى 122.3 تريليون ين (حوالي 786 مليار دولار أمريكي). يأتي هذا الإعلان في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم في اليابان، مما يستدعي زيادة الإنفاق الحكومي لمواجهة هذه التحديات. وتهدف الحكومة من خلال هذه الميزانية إلى دعم النمو الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الاجتماعية المتزايدة.
أعلنت رئيسة الوزراء تاكايشي يوم الخميس أن الميزانية المقترحة تمثل زيادة بنسبة 6.3% عن الميزانية الحالية البالغة 115.2 تريليون ين. وتعتبر هذه الزيادة الأكبر في تاريخ الميزانيات الأولية لليابان، مما يعكس التزام الحكومة القوي بتحفيز الاقتصاد والاستثمار في المستقبل. سيتم تمويل جزء كبير من هذه الميزانية من خلال إصدار سندات حكومية جديدة.
ميزانية اليابان القياسية: توازن بين الإنفاق والاستدامة
تسعى الحكومة اليابانية إلى تحقيق توازن دقيق بين تعزيز النشاط الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل. وقالت رئيسة الوزراء تاكايشي بعد اجتماع مع الأحزاب الحاكمة وأعضاء الحكومة: “أعتقد أن هذه الميزانية تحقق توازناً بين تعزيز الاقتصاد وضمان الاستدامة المالية”. هذا التوازن ضروري في ظل التحديات الديموغرافية والاقتصادية التي تواجهها اليابان.
الضغوط الاقتصادية والتضخم
شهدت اليابان ارتفاعاً في مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2% أو أكثر على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة والأجور. وقد أثر هذا التضخم على القوة الشرائية للمواطنين وزاد من الحاجة إلى دعم حكومي. بالإضافة إلى ذلك، فإن شيخوخة السكان المتزايدة تزيد من الضغط على نظام الضمان الاجتماعي.
تأتي هذه الميزانية أيضاً بعد إطلاق الحكومة في الشهر الماضي أكبر حزمة اقتصادية منذ رفع قيود الجائحة، والتي تهدف إلى دعم الدفاع وتخفيف آثار ارتفاع الأسعار على المواطنين. وتشمل هذه الحزمة مجموعة متنوعة من الإجراءات التحفيزية التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
تخصيصات الإنفاق الرئيسية
من المتوقع أن ترتفع نفقات الضمان الاجتماعي إلى 39.1 تريليون ين، مقارنة بـ 38.3 تريليون ين في السنة المالية الحالية، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها وكالة بلومبرغ. يعكس هذا الارتفاع الحاجة المتزايدة إلى دعم كبار السن وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد نفقات الدفاع زيادة كبيرة، مما يعكس التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة. وتعتبر الحكومة اليابانية أن تعزيز القدرات الدفاعية أمر ضروري لحماية مصالحها الوطنية وضمان الأمن الإقليمي.
تمويل الميزانية وتكاليف الدين
تخطط الحكومة لجمع حوالي 29.6 تريليون ين من خلال إصدار سندات حكومية جديدة لتمويل الإنفاق الإضافي. ومع ذلك، تسعى الحكومة أيضاً إلى خفض نسبة اعتماد الميزانية على إصدار الدين إلى 24.2%، مقارنة بـ 24.9% في السنة المالية الحالية.
بالتوازي مع ذلك، تتوقع الحكومة تحقيق إيرادات ضريبية قدرها 83.7 تريليون ين للعام المقبل. ومع ارتفاع عوائد السندات، فإن تكاليف خدمة الدين تشكل عبئاً متزايداً على الميزانية. وتخطط وزارة المالية لتحديد معدل الفائدة المؤقت المستخدم لحساب تكلفة خدمة الدين للسنة المالية المقبلة عند 3%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1997.
تعتبر السياسة المالية في اليابان موضوعاً بالغ الأهمية، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. وتشمل هذه التحديات شيخوخة السكان، وارتفاع الدين العام، والتباطؤ الاقتصادي.
من المتوقع أن تخضع هذه الميزانية لمراجعة دقيقة من قبل البرلمان الياباني في الأشهر المقبلة. وستراقب الأسواق المالية عن كثب التطورات المتعلقة بالميزانية، بما في ذلك تفاصيل تخصيصات الإنفاق وتأثيرها على الدين العام. وستكون الموافقة النهائية على الميزانية الحكومية خطوة حاسمة في تحديد مسار الاقتصاد الياباني في المستقبل القريب.
في الختام، تمثل هذه الميزانية خطوة جريئة من قبل حكومة تاكايشي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها اليابان. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الميزانية سيعتمد على قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين الإنفاق والاستدامة المالية، وعلى الاستجابة للتغيرات في البيئة الاقتصادية العالمية. من المهم متابعة التطورات المتعلقة بالميزانية، بما في ذلك المناقشات البرلمانية والتقارير الاقتصادية، لتقييم تأثيرها على الاقتصاد الياباني.










