عرضت الولايات المتحدة، في مبادرة مفاجئة، استضافة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا في فلوريدا، وذلك في ظل سعي إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب للوصول إلى حل للأزمة الأوكرانية. يأتي هذا العرض وسط استمرار الحرب الدائرة منذ حوالي أربع سنوات، ومع تركيز الجهود الدبلوماسية على إيجاد طريق لإنهاء القتال وتحديد مستقبل أوكرانيا. صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن هذه المحادثات تعتمد على نتائج المشاورات الجارية بين فريقي التفاوض الأوكراني والأمريكي.
محادثات السلام المحتملة: تركيز على مستقبل أوكرانيا
بدأت هذه الجهود الدبلوماسية بعد سلسلة من اللقاءات بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترمب، مع المسؤولين الأوكرانيين ونظرائهم الأوروبيين في برلين. من المتوقع أن يلتقي ويتكوف وكوشنر بالمبعوث الخاص للكرملين كيريل ديميترييف في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالية. وزير الخارجية الأمريكي السابق ماركو روبيو، والذي يشغل حاليًا منصب مستشار الأمن القومي بالإنابة لترمب، ذكر أنه قد يحضر بعض الاجتماعات.
نقاط الخلاف الرئيسية: الأراضي والضمانات الأمنية
تتركز المناقشات الأولية حول قضيتين رئيسيتين: مستقبل الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا حاليًا، والضمانات الأمنية التي تسعى أوكرانيا للحصول عليها. أشار ترمب سابقًا إلى أن أوكرانيا قد تحتاج إلى التنازل عن بعض الأراضي لتحقيق السلام، وهو موقف رفضه زيلينسكي بشكل قاطع. أكد زيلينسكي أن بلاده تسعى إلى اتفاق سلام عادل ودائم، يتضمن ضمانات أمنية موثوقة ولا يشمل أي تنازل عن الأراضي أو الموارد.
خطة السلام الأمريكية الأولية
تشمل خطة السلام الأولية التي وضعتها الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا. هذه النقطة أثارتها الإدارة الأمريكية خلال المحادثات مع الجانب الأوكراني، مع التأكيد على استعدادها للمساعدة في ضمان إجراء انتخابات آمنة وشفافة. ومع ذلك، يشدد زيلينسكي على أن وقف إطلاق النار أو إنهاء الحرب بشكل كامل يعتبر شرطًا أساسيًا لإجراء انتخابات ذات مصداقية.
وبحسب ما ذكره الرئيس زيلينسكي، تسعى أوكرانيا أيضًا إلى تحديد موقف الشركاء الدوليين في حال استئناف روسيا لعملياتها العسكرية بعد أي اتفاق سلام محتمل. تتضمن هذه الأسئلة ما يتعلق بآليات الردع، والمساعدات العسكرية التي ستحتاجها القوات المسلحة الأوكرانية، وحزمة العقوبات التي سيتم تفعيلها ضد روسيا. هذه النقاط تعتبر حاسمة بالنسبة لأوكرانيا لضمان عدم تكرار السيناريو الحالي.
في المقابل، يرى ترمب أن روسيا تتمتع بموقع تفاوضي أقوى في هذه الحرب، وهو ما يعكس وجهة نظره التقليدية حول العلاقات الدولية. ومع ذلك، أكد روبيو أن المفاوضين الأمريكيين لا يمارسون ضغوطًا مكثفة على أوكرانيا للاستسلام لمطالب روسيا.
التطورات الأخيرة وجهود الوساطة
يأتي هذا التطور بعد عدة محاولات سابقة للوساطة بين الطرفين، بما في ذلك لقاء جمع ترمب وبوتين في ألاسكا في أغسطس، والذي لم يسفر عن أي نتائج ملموسة بسبب تمسك الجانب الروسي بمطالبه القصوى. وقد تعثرت الجهود السابقة بسبب الخلافات العميقة حول الوضع في الأراضي الأوكرانية المتنازع عليها، بالإضافة إلى مسألة الضمانات الأمنية التي تسعى أوكرانيا للحصول عليها من الغرب.
لا تزال هذه المفاوضات في مراحلها الأولية، ومن غير الواضح ما إذا كانت ستنجح في تحقيق اختراق دبلوماسي. يعتمد الكثير على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، وعلى الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في تسهيل الحوار وتقديم الضمانات اللازمة. أوكرانيا تتابع عن كثب ردود الفعل الدولية على هذه المبادرة، وتأمل في الحصول على دعم إضافي من حلفائها في الغرب.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المشاورات بين الوفود الأمريكية والأوكرانية والروسية، وقد تنضم إليها أطراف أوروبية أخرى. المرحلة التالية ستعتمد على تقييم نتائج المحادثات الأولية، وتحديد ما إذا كانت هناك أرضية مشتركة يمكن البناء عليها للوصول إلى اتفاق سلام شامل. يبقى مستقبل السلام في أوكرانيا غير مؤكدًا، ولكن هذه المبادرة الأمريكية تمثل فرصة جديدة لإيجاد حل لهذه الأزمة المستمرة. من المهم مراقبة تطورات هذه المباحثات، وردود أفعال الأطراف المعنية، لتقييم فرص نجاحها.










