وافق البرلمان الفرنسي على قانون ميزانية مؤقتة لعام 2026، في خطوة تهدف إلى ضمان استمرار عمل الدولة في ظل تعثر المفاوضات حول الميزانية الكاملة. يأتي هذا القرار بعد فشل النواب في التوصل إلى اتفاق بشأن الخطة المالية، مما أثار مخاوف بشأن قدرة فرنسا على خفض عجزها المتزايد.
تم تمرير القانون المؤقت، المعروف باسم “القانون الخاص”، يوم الثلاثاء بعد موافقة مجلس الشيوخ، ويسمح للحكومة بمواصلة جمع الضرائب والاقتراض حتى يتم التوصل إلى ميزانية شاملة في يناير. يمثل هذا الإجراء تمديداً لخطط ميزانية عام 2025، وهو إجراء استثنائي سبق استخدامه في نهاية العام الماضي.
تحديات تواجه الحكومة الفرنسية في إقرار الميزانية
اضطر رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو إلى اللجوء إلى هذا الإجراء الطارئ بسبب الانقسامات العميقة في البرلمان. فقدت حكومة ماكرون الأغلبية النسبية في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها في عام 2024، مما جعل تمرير التشريعات أكثر صعوبة. هذا الوضع يعكس حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي التي تشهدها فرنسا.
وفقاً للحكومة، فإن الأجزاء المتفق عليها من مشروع قانون المالية الحالي من شأنها أن تخفض العجز إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026، مقارنة بـ 5.4% في العام الحالي. ومع ذلك، كان رئيس الوزراء لوكورنو يهدف في البداية إلى عجز أقل، عند 4.7%، ولكنه اعترف لاحقاً بأن تحقيق هذا الهدف قد يكون صعباً.
التحذيرات بشأن الوضع المالي لفرنسا
تخضع المالية العامة الفرنسية لتدقيق متزايد من قبل المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني، حيث يعتبر عجزها من بين الأعلى في منطقة اليورو. وقد تلقت فرنسا تحذيرات حديثة من وكالة “موديز” بشأن أوضاعها المالية، مما يزيد من الضغوط على الحكومة لتقديم خطة مقنعة لخفض العجز.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن فرنسا هي الدولة الأكثر عرضة لمواجهة أزمة سندات بسبب ارتفاع ديونها وعجزها. هذا الأمر يثير قلقاً بشأن قدرة البلاد على تمويل نفسها في المستقبل.
الخلافات البرلمانية والحلول المحتملة
تواجه حكومة لوكورنو الأقلية صعوبات كبيرة في البرلمان المنقسم. وقد أدت معارك الميزانية إلى إسقاط حكومات سابقة، مما يدل على مدى صعوبة التوصل إلى توافق سياسي. يسعى الرئيس ماكرون إلى تمرير ميزانية كاملة في أقرب وقت ممكن، لكن هذا يتطلب تسوية بين مختلف الأطراف.
في ظل ضيق الوقت، قد تلجأ الحكومة إلى آلية دستورية تسمح لها بتمرير التشريعات دون تصويت في البرلمان. ومع ذلك، فقد تعهد لوكورنو سابقاً بتجنب هذه الخطوة، التي قد تعتبر غير ديمقراطية. يعتمد نجاح هذا المسار على الحصول على دعم ضمني من النواب الاشتراكيين، وهو أمر غير مضمون.
من الممكن أن يؤدي استخدام هذه الآلية إلى طرح اقتراحات بحجب الثقة من قبل اليمين المتطرف أو اليسار المتشدد، ولكن من المرجح أن تفشل هذه المحاولات إذا لم يحصلوا على دعم الاشتراكيين. هذا السيناريو يعكس مدى هشاشة الوضع السياسي في فرنسا.
من المقرر أن يستأنف البرلمان مناقشة الميزانية الكاملة في الأسبوع الذي يبدأ في 5 يناير. سيكون هذا الأسبوع حاسماً لتحديد ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من التوصل إلى اتفاق أو ستضطر إلى اللجوء إلى إجراءات استثنائية. من المتوقع أن تركز المناقشات على كيفية خفض العجز وتحقيق الاستقرار المالي، وهي قضايا رئيسية تؤثر على مستقبل الاقتصاد الفرنسي. الوضع المالي لفرنسا، بما في ذلك الإنفاق الحكومي و الديون العامة، سيظل تحت المراقبة الدقيقة.
يبقى مستقبل الميزانية الفرنسية غير مؤكد، حيث يعتمد على التطورات السياسية والاقتصادية في الأسابيع القادمة. سيكون من المهم مراقبة المفاوضات البرلمانية عن كثب، بالإضافة إلى ردود فعل المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني. القدرة على تحقيق الاستقرار المالي ستكون حاسمة لضمان النمو الاقتصادي المستدام في فرنسا.










