اكتشف علماء وكالة ناسا موادًا أساسية للحياة، بما في ذلك السكريات، على الكويكب “بينو”، مما يقربهم خطوة من فهم أصول الحياة على الأرض. هذا الاكتشاف، الذي يتعلق بمركب الريبوز تحديدًا، يمثل تقدمًا كبيرًا في البحث عن المكونات الكيميائية التي ربما أدت إلى ظهور الحياة.
اكتشاف الريبوز والجلوكوز على الكويكب بينو
أفادت وكالة ناسا باكتشاف الريبوز، وهو سكر خماسي الكربون ضروري لتكوين الحمض النووي الريبوزي (RNA)، بالإضافة إلى الجلوكوز، وهو سكر سداسي الكربون يوفر الطاقة للكائنات الحية. يُعد هذا أول تأكيد للريبوز في عينة تم جمعها مباشرة من كويكب، على الرغم من أنه تم رصده سابقًا في بعض النيازك.
وفقًا لدراسة حديثة بقيادة يوشيهيرو فوروكاوا من جامعة توهوكو في اليابان، فإن العينات التي جُلبت من بينو بواسطة مهمة OSIRIS-REx تحتوي الآن على جميع المكونات اللازمة لتكوين جزيء RNA. يُعتقد أن RNA لعب دورًا حاسمًا في المراحل المبكرة من الحياة على الأرض، حيث كان قادرًا على حمل الشفرة الوراثية وتحفيز التفاعلات الكيميائية الأساسية.
“العلكة الفضائية” ومكونات الحياة المبكرة
بالإضافة إلى السكريات، اكتشف العلماء مادة غريبة وغير مسبوقة، وصفت بأنها “علكة فضائية”. هذه المادة اللزجة، التي تحولت إلى مادة صلبة، غنية بالبوليمرات المحتوية على النيتروجين والأكسجين. يعتقد الباحثون أن هذه المادة تشكلت عندما تعرض الصخر الأم لبينو للحرارة في المراحل الأولى من النظام الشمسي.
يشير سكوت ساندفورد من مركز إيمييس لأبحاث ناسا إلى أن هذه المادة الغريبة قد تمثل أقدم تعديل كيميائي على الصخور، وهو بقايا من حقبة النظام الشمسي المضطربة. ويضيف أن هذا الاكتشاف يتيح لنا إلقاء نظرة على الأحداث التي وقعت في بداية الكون.
غبار المستعرات الأعظمية وأصول النظام الشمسي
كشفت التحليلات أيضًا أن عينات بينو تحتوي على ستة أضعاف كمية غبار المستعرات الأعظمية الموجودة في أي صخر فضائي آخر معروف. هذا الغبار القديم هو بقايا نجوم متفجرة سبقت تشكل نظامنا الشمسي، مما يوفر للعلماء لمحة نادرة عن التركيب الأصلي للمجرة.
يُذكر أن الكويكب بينو، الذي تشكل قبل حوالي 4.6 مليار سنة، يمر بالقرب من الأرض كل ست سنوات، وأحيانًا يقترب أكثر من القمر. تم جمع العينات بواسطة مهمة OSIRIS-REx خلال تحليق عام 2020، وتم إعادتها إلى الأرض في سبتمبر 2023 لإجراء دراسات معملية مكثفة.
دعم نظرية عالم الحمض النووي الريبوزي
تؤكد هذه النتائج نظرية “عالم الحمض النووي الريبوزي”، التي تفترض أن RNA كان بمثابة الشفرة الوراثية الرئيسية والمحرك الكيميائي للحياة قبل ظهور الحمض النووي (DNA) والبروتينات. كما يشير اكتشاف الجلوكوز إلى أن المكونات الغذائية الأساسية للحياة كانت متاحة بالفعل في النظام الشمسي المبكر.
الريبوز، باعتباره لبنة أساسية في الحمض النووي الريبوزي، يمثل اكتشافًا بالغ الأهمية في فهم كيفية نشأت الحياة. الريبوز والجلوكوز، جنبًا إلى جنب مع المكونات الأخرى التي تم العثور عليها في عينات بينو، يقدمون أدلة قوية على أن الكويكبات ربما لعبت دورًا حاسمًا في جلب المكونات الأساسية للحياة إلى الأرض. الريبوز هو مفتاح فهم أصول الحياة، والريبوز الموجود على بينو يفتح آفاقًا جديدة للبحث.
ومع ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن بينو ليس خاليًا من المخاطر. تشير التقديرات إلى وجود فرصة واحدة من بين 2700 لاصطدام الكويكب بالأرض في عام 2182.
الخطوة التالية هي إجراء المزيد من التحليلات التفصيلية لعينات بينو، بهدف فهم أفضل للعمليات الكيميائية التي أدت إلى ظهور الحياة. من المتوقع أن تستمر هذه الدراسات لعدة سنوات، وقد تكشف عن المزيد من الأسرار حول أصولنا الكونية. سيراقب العلماء أيضًا مسار بينو عن كثب لتقييم أي تهديد محتمل للأرض.










