سلّمت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، منظومة الليزر الاعتراضية “أور إيتان” إلى سلاح الجو، في خطوة تاريخية تعزز القدرات الدفاعية لإسرائيل. يمثل هذا التسليم تتويجاً لسنوات من التطوير والبحث، ويُعدّ نقلة نوعية في مجال الدفاع الجوي، خاصةً مع تزايد التهديدات الجوية المتنوعة التي تواجه المنطقة. وتعتبر منظومة الليزر “أور إيتان” إضافة استراتيجية لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية متعددة الطبقات.
جاء التسليم بعد سلسلة من التجارب الناجحة التي أثبتت قدرة المنظومة على اعتراض مجموعة واسعة من التهديدات، بما في ذلك الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات المسيرة. وتهدف هذه الخطوة إلى توفير طبقة دفاعية إضافية، تكمل منظومات “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” و”حيتس” القائمة، لتعزيز الحماية من الهجمات الجوية المحتملة.
تطوير وتكنولوجيا منظومة الليزر “أور إيتان”
قادت مديرية البحث والتطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلية عملية تطوير “أور إيتان”، بالتعاون مع شركة “رافائيل” للصناعات الحربية وشركات أخرى متخصصة. وتتميز المنظومة بقدرتها على اعتراض دقيق، ومدى تشغيلي محسن، وتكلفة تشغيل منخفضة مقارنة بالأنظمة التقليدية، وفقًا لبيان الوزارة.
المكونات الرئيسية
تعتمد المنظومة على مصدر ليزر متقدم ونظام توجيه كهروضوئي فريد، مما يتيح لها التعامل بكفاءة مع طيف واسع من التهديدات الجوية. كما شاركت شركة “إلبيت سيستمز” في تطوير مصدر الليزر، مما يدل على التعاون الصناعي الواسع في هذا المشروع. وتعتبر تقنيات البصريات التكيفية المتقدمة المستخدمة في المنظومة اختراقًا علميًا عالميًا، بحسب ما صرح به رئيس مجلس إدارة “رافائيل”.
أكد المسؤولون في وزارة الدفاع أن الانتقال من مرحلة التطوير إلى الجاهزية العملياتية يمثل سابقة عالمية في مجال أنظمة الدفاع الجوي القائمة على الليزر. ويعكس هذا الإنجاز التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققته إسرائيل في هذا المجال.
الأبعاد الاستراتيجية والرسائل السياسية
خلال مراسم التسليم، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الحدث بأنه “لحظة تاريخية” تمثل “تغييراً جوهرياً في معادلة التهديد”. وأضاف أن هذه المنظومة تبعث برسالة واضحة لأعداء إسرائيل، سواء كانوا قريبين أو بعيدين. وتشير هذه التصريحات إلى أن إسرائيل تسعى إلى إظهار قوتها الردعية وقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وبحسب تصريحات رئيس مجلس إدارة “رافائيل”، يوفال شتاينيتس، فإن “عصر الليزر العسكري يبدأ اليوم”، معتبراً أن إسرائيل أصبحت أول دولة في العالم تمتلك منظومة ليزر عملياتية لاعتراض التهديدات الجوية. ويؤكد هذا على الريادة الإسرائيلية في مجال تطوير وتطبيق تقنيات الدفاع المتقدمة.
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك التهديدات المتزايدة من الجماعات المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة. وتعتبر منظومة الدفاع الجوي الجديدة رداً على هذه التهديدات، وتهدف إلى تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي. وتشكل التكنولوجيا العسكرية المبتكرة جزءًا أساسيًا من استراتيجية إسرائيل الأمنية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى مراقبون أن تطوير هذه المنظومة يهدف إلى ردع أي محاولة لتهديد إسرائيل من قبل دول أخرى في المنطقة، مثل إيران وسوريا. وتعتبر الرسالة التي وجهتها إسرائيل واضحة: أنها لن تتسامح مع أي تهديد لأمنها، وأنها ستستخدم كل الوسائل المتاحة للدفاع عن نفسها.
التأثير المحتمل على التوازن الإقليمي
قد يؤدي نشر منظومة “أور إيتان” إلى تغيير في ميزان القوى الإقليمي، حيث ستتمتع إسرائيل بقدرة دفاعية متفوقة. ومع ذلك، من المرجح أن تسعى الدول الأخرى في المنطقة إلى تطوير قدراتها الدفاعية الخاصة بها لمواجهة هذا التحدي. ومن المتوقع أن يشهد مجال الأسلحة الموجهة بالطاقة منافسة متزايدة في السنوات القادمة.
في الوقت الحالي، لم تعلن وزارة الدفاع الإسرائيلية عن جدول زمني محدد لنشر المنظومة على نطاق واسع. ومع ذلك، من المتوقع أن تبدأ عمليات النشر التدريجي في الأشهر القادمة، مع التركيز على المناطق الأكثر عرضة للتهديد. وستراقب المنطقة عن كثب التطورات المتعلقة بهذه المنظومة، وتقييم تأثيرها على الأمن الإقليمي.
من المنتظر أن تخضع المنظومة لمزيد من الاختبارات والتقييمات في ظل ظروف تشغيلية حقيقية، قبل أن يتم اعتمادها بشكل كامل. وستراقب وزارة الدفاع الإسرائيلية أداء المنظومة عن كثب، وإجراء أي تعديلات ضرورية لتحسين فعاليتها. وستظل التطورات في مجال أنظمة الدفاع الجوي القائمة على الليزر محور اهتمام كبير في السنوات القادمة.










