أطلقت الصين يوم الثلاثاء تدريبات عسكرية واسعة النطاق تتضمن إطلاق صواريخ في المياه القريبة من تايوان، في أكبر مناورة عسكرية تطوق الجزيرة منذ ثمانية أشهر. جاءت هذه التدريبات وسط تحذيرات موجهة ضد القوى “الانفصالية” والقوى الخارجية، وذلك بعد صفقة أسلحة أمريكية قياسية مع تايبيه. وتعد هذه المناورة العسكرية تصعيدًا كبيرًا في التوترات بين الصين وتايوان، مما يثير مخاوف إقليمية ودولية حول الاستقرار في مضيق تايوان. تايوان هي محور هذه التطورات، وتشكل هذه التدريبات اختبارًا لقدراتها الدفاعية وردود فعل المجتمع الدولي.
التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان: تصعيد للتوترات
بدأت القيادة الشرقية للجيش الشعلي للتحرير الصيني (PLA) تدريبات “المهمة العدالة 2025” يوم الاثنين، محيطة تايوان بسفن حربية وطائرات حربية وتدريبات بإطلاق نار حقيقي. وتهدف هذه التدريبات إلى إظهار قدرة الصين على تطويق الجزيرة وتهديدها في حال أي تحرك نحو الاستقلال الرسمي. ووفقًا لمتحدث باسم القيادة الشرقية، حققت التدريبات أهدافها المرجوة.
شملت التدريبات عمليات هجومية على أهداف بحرية، بالإضافة إلى عمليات مكافحة جوية وغواصات. كما شاركت مدمرات وفرقاطات وطائرات مقاتلة وقاذفات في عمليات ضرب وهمية لأهداف بحرية. أفادت تقارير إعلامية أن الصواريخ الصينية سقطت داخل منطقة المياه التي تمتد 24 ميلاً بحريًا حول تايوان، وهي منطقة تخضع لرقابة صارمة.
ردود الفعل من تايوان والولايات المتحدة
أعرب قادة تايوان عن قلقهم العميق إزاء التصعيد العسكري الصيني. صرح ويليام لاي تشينغ تي، رئيس تايوان، بأن بكين “تواصل التصعيد العسكري في المنطقة، وهو ما لا يمثل سلوك قوة عالمية مسؤولة”. وأضاف أن تايوان لن تسعى إلى إثارة أي مواجهة أو صراع مع الصين، لكنها ستدافع عن نفسها في حال تعرضها للتهديد.
وذكرت وزارة الدفاع التايوانية أن 130 طائرة تابعة للجيش الشعلي للتحرير الصيني و14 سفينة تابعة للبحرية و8 سفن رسمية كانت تعمل حول الجزيرة اعتبارًا من الساعة 6:00 صباحًا بالتوقيت المحلي. جدير بالذكر أن 90 من بين 130 طائرة اخترقت الخط المتوسط لفصل تايوان عن البر الرئيسي الصيني ودخلت منطقة تحديد الهوية الدفاعية الجوية التايوانية. وقد أكدت وزارة الدفاع التايوانية أنها تراقب الوضع وتستجيب له.
من جانبه، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إن الرئيس الصيني شي جين بينغ لم يبلغه عن التدريبات، لكنه أضاف أن التدريبات لا تثير قلقه.
الأبعاد الإقليمية والدولية
تأتي هذه التدريبات في سياق تزايد التوترات في المنطقة، والتي تشمل أيضًا الخلافات بين الصين واليابان. أفادت تقارير بأن طائرات استطلاع صينية ودائرة الرادار اليابانية قد اشتبكت في وقت سابق من هذا الشهر. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الصين حاملة طائراتها الثالثة مؤخرًا، في إطار جهودها لتحديث جيشها وزيادة نفوذها العسكري.
وقد أعلنت تايوان عن خطة إنفاق دفاعي بقيمة 40 مليار دولار على مدى العقد القادم، بهدف مواجهة التهديد العسكري المتزايد من الصين. وتشمل هذه الخطة شراء أنظمة صواريخ HIMARS الأمريكية الصنع وغيرها من المعدات العسكرية المتطورة. أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أنها على أهبة الاستعداد لإجراء تدريبات سريعة الاستجابة إذا تصاعدت التدريبات الصينية.
وصفت لجنة الكونجرس الأمريكية الصينية (بipartisan House China panel) التدريبات الصينية بأنها “تصعيد متعمد” تجاه تايوان، ودعت إلى رد فعل قوي من جانب الولايات المتحدة وحلفائها. وتؤكد هذه التدريبات على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وتجنب أي سوء تقدير قد يؤدي إلى صراع عسكري.
تعتبر الصين تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، لكن تايوان ترفض هذا الادعاء، وتصر على أن شعب الجزيرة هو وحده من يقرر مستقبلها. يُتوقع أن تستمر الصين في ممارسة الضغط العسكري والاقتصادي على تايوان، في محاولة لإجبارها على التوحد مع البر الرئيسي. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت الصين ستلجأ إلى استخدام القوة لتحقيق هذا الهدف. الوضع في تايوان يتطلب مراقبة دقيقة من قبل المجتمع الدولي، وتبقى احتمالية التصعيد واردة في المستقبل القريب. التوترات الصينية التايوانية تستمر في التأثير على السياسة الإقليمية والعلاقات الدولية. التطويق العسكري لتايوان يمثل خطوة استفزازية من قبل الصين، ويزيد من حالة عدم اليقين في المنطقة. مستقبل تايوان يظل معلقًا على التطورات الجيوسياسية والقرارات التي ستتخذها القوى الكبرى.
من المتوقع أن تواصل الصين تقييم ردود الأفعال الإقليمية والدولية على هذه التدريبات قبل اتخاذ أي خطوات أخرى. وستراقب بكين عن كثب أي تغييرات في السياسة الأمريكية تجاه تايوان. بحلول نهاية الشهر، من المرجح أن نرى تحليلًا رسميًا من الصين حول نتائج التدريبات، وربما إعلانًا عن المزيد من التدريبات المماثلة في المستقبل. مع استمرار التوترات، سيظل مضيق تايوان بؤرة تركيز رئيسية للمراقبة العسكرية والدبلوماسية.










