اختر منطقتك 
حالة الطقس 
تشهد أسواق عيد الميلاد الأوروبية هذا العام إجراءات أمنية مشددة وارتفاعًا في تكاليف التشغيل، وذلك استجابةً لما وصفته السلطات بـ “تهديد متزايد للأمن العام”. وتأتي هذه التعديلات في ظل حالة تأهب أوروبية واسعة النطاق، وتستعد المدن من ألمانيا وفرنسا إلى النمسا والمجر لاستقبال الزوار مع تدابير وقائية مكثفة. وتعتبر هذه الأسواق جزءًا لا يتجزأ من التقاليد الأوروبية خلال موسم الأعياد، إلا أن التحديات الأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحدث.
أسواق عيد الميلاد في أوروبا تواجه تحديات أمنية واقتصادية
أظهر استطلاع حديث أجرتة “الرابطة الفيدرالية لتسويق المدن والبلدات” في ألمانيا زيادة في الإنفاق على الأمن للفعاليات العامة، بما في ذلك أسواق عيد الميلاد، بنحو 44٪ خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد تم إطلاق سوق برلين الرئيسي هذا الموسم خلف حواجز خرسانية، وأنظمة مراقبة فيديو مُحسّنة، وتعزيز الأمن الخاص.
وبحسب ما ورد، حذرت بعض البلديات الألمانية الأصغر من أن المتطلبات الإضافية قد تضطرها إلى تقليص نطاق الأسواق أو إلغائها العام المقبل. صرح ديفيد روس، رئيس قسم الإنتاج في سوق جندارم ماركت في برلين، بأن الإجراءات المشددة تسمح للزوار بالشعور بالأمان.
على الرغم من حصول بعض المدن على تمويل عام لتشغيل أسواق الأعياد، غالبًا ما يتحمل المسؤولون المحليون والمنظمون الخاصون الجزء الأكبر من النفقات. وقد بدأ المسؤولون المحليون في المطالبة بمشاركة أكبر من الولايات الألمانية الست عشرة في العبء المالي، بحجة أن تدابير مكافحة الإرهاب تتجاوز مسؤولية مخططي الفعاليات المحليين. وتأتي هذه المطالبات في أعقاب هجوم بشاحنة في سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ الشهر الماضي، والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين.
تدابير أمنية متزايدة في جميع أنحاء القارة
تتبع فرنسا اتجاهًا مشابهًا، حيث ألغت السلطات الحفل السنوي لرأس السنة الجديدة على جادة الشانزليزيه بعد أن أعربت الشرطة عن مخاوف بشأن إدارة الحشود وما وصفته وزارة الداخلية بأنه “مستوى خطر إرهابي مرتفع للغاية”. وقد صنفت الوزارة أسواق عيد الميلاد والاحتفالات الشتوية الأخرى على أنها “فعاليات عالية المخاطر”، مما دفع المدن إلى نشر المزيد من الضباط، وإدخال نقاط فحص جديدة، وفرض قيود على الدخول عند الحاجة.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن سوق عيد الميلاد الشهير في سالزبورغ بالنمسا، والذي يجذب حوالي 1.5 مليون زائر سنويًا، يخضع الآن لمراقبة أمنية خاصة على مدار الساعة شبكة من 33 كاميرا مخصصة. في أماكن أخرى من النمسا، بما في ذلك منطقة ستيريا التي ينتمي إليها أرنولد شوارزنيجر، تم إلغاء بعض الأسواق بالكامل لأن المنظمين يقولون إنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف تدابير الأمن المفروضة.
وفي براغ، تم وضع كتل خرسانية كبيرة على طول الضفاف الشعبية وحول المناطق الرئيسية لتدفق حركة المرور، بينما كثفت الشرطة الدوريات لمراقبة الأهداف المحتملة. في بودابست، ينتشر المزيد من الضباط السريون وسط الحشود لتحديد السلوك المشبوه وتحسين سرعة الاستجابة.
يجري خبراء الأمن أيضًا تقييم التهديدات المحتملة من قبل الجماعات المتطرفة، مثل حركة حماس، وتعزيز التعاون الاستخباراتي بين الدول الأوروبية. وقد أدى ذلك إلى عمليات تفتيش واسعة النطاق واعتقالات في عدة مدن أوروبية، بهدف تعطيل شبكات الإرهاب المحتملة. هذا التهديد المتزايد، بالإضافة إلى تصنيف أنتي فا كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، يزيد من الضغط على السلطات لضمان سلامة هذه الفعاليات.
لكن التحدي لا يقتصر على الاستجابة للتهديدات فحسب، بل يشمل أيضًا معالجة الأسباب الجذرية للتطرف. يرى البعض أن الحكومات الأوروبية بحاجة إلى استراتيجية أكثر حزمًا تستهدف المتطرفين، بما في ذلك سجنهم أو ترحيلهم إذا لم يكونوا مواطنين. ويرى المحللون أن الإجراءات الأمنية المتزايدة ستستمر في الارتفاع ما لم تتم معالجة هذه القضايا الأساسية.
على الرغم من هذه التعديلات، لا تزال العديد من أسواق عيد الميلاد في أوروبا مفتوحة وتستمر في جذب أعداد كبيرة من الزوار، ولكن في ظل ظروف أمنية أكثر صرامة بشكل ملحوظ. ويقول المسؤولون في العديد من البلدان إن هذه الإجراءات من المرجح أن تظل قائمة طالما استمرت مستويات التهديد في الارتفاع. ومن المتوقع أن تشهد الأسواق أيضًا ارتفاعًا في الأسعار بسبب زيادة تكاليف الأمن والتشغيل.
تشير التوقعات إلى أن السلطات ستواصل تقييم الوضع الأمني وتعديل التدابير الوقائية بناءً على التطورات الأخيرة. وقد يشمل ذلك زيادة في التكنولوجيا المستخدمة للمراقبة وكشف التهديدات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات. ومن المتوقع إجراء مراجعة شاملة للإجراءات الأمنية في نهاية موسم الأعياد لتقييم فعاليتها وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
