يتجه سعر النفط إلى تسجيل أكبر خسارة سنوية له منذ عام 2020، مع تراجع المعروض وتوقعات بزيادة الفائض في الأسواق العالمية. يؤثر هذا الانخفاض على معنويات المستثمرين والتداولات مع اقتراب نهاية العام، حيث تراجعت أسعار النفط بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، وتتجه نحو تسجيل خامس خسارة شهرية متتالية.
تداول خام برنت، القياسي العالمي، بالقرب من 61 دولارًا للبرميل، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 58 دولارًا للبرميل. يأتي هذا التراجع في ظل زيادة إنتاج النفط من قبل دول أوبك+ والمنتجين المستقلين، بالتزامن مع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، مما أثر سلبًا على الطلب على النفط.
فائض المعروض يضغط على أسعار النفط
تشير التوقعات إلى أن المعروض من النفط سيتجاوز الطلب بشكل كبير في عام 2026، مما يزيد من الضغط على الأسعار. ومع ذلك، ترى وكالة الطاقة الدولية أن الفائض سيكون أكبر مما تتوقعه منظمة أوبك، التي تحافظ على نظرة أكثر تفاؤلاً. قد تؤدي الأسعار المنخفضة إلى تقليل الاستثمارات في مشاريع التنقيب والحفر، مما قد يدعم الأسعار على المدى الطويل.
صرحت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في ساكسو ماركتس، بأن تأجيل الاستثمارات في قطاع النفط حاليًا قد يزيد من احتمالية حدوث ارتفاع حاد وغير متوقع في الأسعار لاحقًا. وأوضحت أن السوق تواجه حالة من التناقض، حيث هناك راحة قصيرة الأجل بسبب تراكم المخزونات، ولكن هناك قلق طويل الأجل بشأن احتمال نقص الإمدادات في المستقبل.
تأثير على التضخم والمالية العامة
يساهم انخفاض أسعار النفط في تخفيف الضغوط التضخمية، وهو الأمر الذي يرحب به البنوك المركزية حول العالم، حيث تسعى إلى تحقيق الاستقرار في الأسعار. وقد قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2025، مع إشارات إلى احتمال إجراء المزيد من التخفيضات في المستقبل.
في المقابل، يمثل هذا التراجع تحديًا كبيرًا للدول المنتجة للنفط، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط في تمويل ميزانياتها. فقد توقعت السعودية عجزًا في الميزانية بنحو 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى من التقديرات السابقة.
ترقب لاجتماع أوبك+ وبيانات المخزونات
من المقرر أن يعقد أعضاء أوبك+ اجتماعًا افتراضيًا في الرابع من يناير لمناقشة أوضاع السوق واتخاذ القرارات المناسبة. تشير التوقعات إلى أن المجموعة ستلتزم بخططها الحالية لتجميد أي زيادات إضافية في الإنتاج، في ظل الأدلة المتزايدة على وجود فائض في المعروض.
وبحسب بيانات معهد البترول الأمريكي، ارتفعت مخزونات النفط الخام بمقدار 1.7 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو أكبر ارتفاع منذ منتصف نوفمبر. إذا تأكدت هذه البيانات في الأرقام الرسمية التي ستصدر لاحقًا، فستؤكد الاتجاه السلبي في السوق. كما أشار المعهد إلى ارتفاع مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على السوق
تضيف التوترات الجيوسياسية المزيد من الضبابية إلى آفاق سوق النفط. أعلنت الإمارات العربية المتحدة، وهي عضو رئيسي في أوبك+، عن سحب قواتها من اليمن، مما أثار مخاوف بشأن استقرار المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يراقب المستثمرون عن كثب الحصار الأمريكي الجزئي على شحنات النفط من فنزويلا، والجهود الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
تتأثر أسعار النفط بشكل كبير بالأحداث الجيوسياسية، حيث يمكن أن تؤدي أي تصعيد أو تهديد للأمن الإقليمي إلى ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، في الوقت الحالي، يبدو أن تأثير هذه التوترات محدودًا، حيث يظل التركيز على حالة الفائض في المعروض.
مع اقتراب نهاية العام، تشهد التداولات نشاطًا محدودًا بسبب غياب العديد من المستثمرين في عطلة رأس السنة. من المتوقع أن تظل الأسواق المالية مغلقة يوم الخميس، مما قد يؤدي إلى استمرار حالة عدم اليقين في سوق النفط.
في الختام، من المتوقع أن يستمر الضغط على أسعار النفط في المدى القصير بسبب حالة الفائض في المعروض. ومع ذلك، يجب مراقبة تطورات اجتماع أوبك+، وبيانات المخزونات، والأحداث الجيوسياسية، حيث يمكن أن تؤثر هذه العوامل على مسار الأسعار في المستقبل. يبقى السؤال حول مدى قدرة أوبك+ على إدارة المعروض والحفاظ على استقرار الأسعار في ظل هذه الظروف المعقدة.










