تلقّت شركة “إيرباص” (Airbus SE) طلبات شراء كبيرة من شركتي طيران صينيتين، حيث تسعى الشركة الأوروبية لتعزيز مكانتها في سوق الطيران الصيني، الذي يُعدّ الأكبر في آسيا. وتشمل الطلبات الجديدة شراء 55 طائرة من طراز A320 بقيمة إجمالية تزيد عن 8.2 مليار دولار أمريكي، مما يعكس الثقة المتزايدة في طائرات إيرباص من قبل شركات الطيران الصينية. وتأتي هذه الصفقات في وقت تشهد فيه صناعة الطيران تعافيًا ملحوظًا بعد جائحة كوفيد-19.
أعلنت كل من “جونيياو إيرلاينز” (Juneyao Airlines) و”سبرينغ إيرلاينز” (Spring Airlines) عن هذه الطلبات في بيانات منفصلة قدمتها إلى بورصة شنغهاي يوم الاثنين. وتهدف الشركتان إلى تحديث أساطيلهما وتلبية الطلب المتزايد على السفر الجوي في الصين، وفقًا لما ورد في الإفصاحات.
“إيرباص” تعزز هيمنتها في سوق الطيران الصيني
تُظهر هذه الصفقات استمرار “إيرباص” في كسب حصة سوقية في الصين، مستفيدة من بنيتها التحتية القوية في البلاد، بما في ذلك خط التجميع النهائي في تيانجين. يسمح هذا الخط للشركة بتسليم الطائرات بشكل أسرع وأكثر فعالية من حيث التكلفة، مما يجعلها خيارًا جذابًا لشركات الطيران الصينية.
بالإضافة إلى ذلك، تستفيد “إيرباص” من العلاقات التجارية القوية التي طورتها مع الصين على مر السنين. وقد استثمرت الشركة بكثافة في البحث والتطوير في الصين، وعملت بشكل وثيق مع شركات الطيران المحلية لتلبية احتياجاتها الخاصة.
التحديات التي تواجه “بوينغ” في الصين
في المقابل، تواجه شركة “بوينغ” (Boeing Co) صعوبات في استعادة مكانتها في السوق الصينية. لم تتلق “بوينغ” طلبًا رئيسيًا من الصين منذ عام 2017، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
علاوة على ذلك، أثرت المشاكل المتعلقة بطائرة 737 ماكس سلبًا على سمعة “بوينغ” في الصين. وقد أوقفت الصين رحلات طائرات 737 ماكس لمدة تقارب أربع سنوات بعد حادثين مميتين، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة في تسليم الطائرات لشركات الطيران الصينية.
وكانت وكالة بلومبرغ قد ذكرت في وقت سابق من هذا العام أن الصين كانت تجري محادثات مع كل من “إيرباص” و”بوينغ” بشأن شراء مئات الطائرات الجديدة. وتشير هذه المحادثات إلى أن الصين تخطط لتوسيع أسطولها الجوي بشكل كبير في السنوات القادمة، مما يمثل فرصة كبيرة لكلا الشركتين.
وتأتي هذه الطلبات في ظل توقعات بنمو قوي في قطاع الطيران الصيني. تشير التقديرات إلى أن الصين ستصبح أكبر سوق للطيران في العالم بحلول عام 2030، متجاوزة الولايات المتحدة.
وتشمل العوامل التي تدعم هذا النمو ارتفاع الدخل المتاح، وزيادة عدد المسافرين بغرض العمل والترفيه، وتوسع شبكات الطيران المحلية والدولية. كما أن الحكومة الصينية تدعم بقوة تطوير صناعة الطيران المحلية، مما يوفر حوافز لشركات الطيران لشراء طائرات جديدة.
من الجدير بالذكر أن أسعار الصفقات المعلنة تستند إلى الأسعار المعلنة للطائرات، وقد تخضع لتعديلات بناءً على التفاوض بين “إيرباص” وشركات الطيران الصينية.
وتعتبر طائرة A320 من الطائرات الأكثر مبيعًا في العالم، وتشتهر بكفاءتها في استهلاك الوقود وموثوقيتها. وتستخدم هذه الطائرة على نطاق واسع في الرحلات الجوية القصيرة والمتوسطة المدى.
من المتوقع أن تبدأ “إيرباص” في تسليم الطائرات الجديدة لشركات الطيران الصينية في السنوات القادمة. وسيساعد ذلك على تعزيز أسطولها الجوي وتلبية الطلب المتزايد على السفر الجوي.
في الختام، تعزز هذه الصفقات مكانة “إيرباص” كلاعب رئيسي في سوق الطيران الصيني، بينما تواجه “بوينغ” تحديات في استعادة حصتها السوقية. ومن المتوقع أن تستمر المنافسة بين الشركتين في السنوات القادمة، حيث تسعى كل منهما إلى الاستفادة من النمو القوي في قطاع الطيران الصيني. وستكون متابعة تطورات هذه الصفقات، وردود فعل “بوينغ”، ومفاوضات مستقبلية مع شركات الطيران الصينية، أمرًا بالغ الأهمية لتقييم ديناميكيات السوق.










