اشترت الصين ما لا يقل عن 8 ملايين طن من فول الصويا الأمريكي هذا العام، وفقًا لمصادر مطلعة، مما يشير إلى التزامها بتعهدات سابقة في إطار التهدئة التجارية مع الولايات المتحدة. يأتي هذا التطور بعد فترة من عدم اليقين بشأن قدرة الصين على الوفاء بالتزاماتها الشرائية، خاصة مع التغيرات في ديناميكيات السوق العالمية والظروف الجوية.
وتواصل الشركات الصينية المملوكة للدولة حجز شحنات من الولايات المتحدة حتى أواخر ديسمبر، مما يعزز زخم الشراء الذي بدأ في أكتوبر. هذا النشاط يبعث على الاطمئنان للمصدرين الأمريكيين الذين كانوا قلقين بشأن احتمال تراجع الطلب الصيني.
التعهدات التجارية وغموض المواعيد النهائية
في أعقاب محادثات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، أعلن البيت الأبيض أن الصين تعهدت بشراء ما لا يقل عن 12 مليون طن من فول الصويا الأمريكي بحلول نهاية العام. لاحقًا، أوضح مسؤولون أمريكيون أن الموعد النهائي الفعلي هو نهاية شهر فبراير.
بينما لم تؤكد الحكومة الصينية هذا الالتزام بشكل رسمي، فقد اتخذت خطوات ملموسة لتسهيل الاستيراد، بما في ذلك تخفيض الرسوم الجمركية ورفع الحظر عن ثلاثة مصدّرين أمريكيين، وفقًا لتقارير إعلامية.
تأثير الشراء الصيني على الأسعار
على الرغم من هذه التدفقات الإيجابية، يرى محللون أن حالة عدم اليقين بشأن الاتفاقيات التجارية المستقبلية تضغط على أسعار فول الصويا. فقد انخفضت العقود الآجلة في شيكاغو بنحو 7% في ديسمبر، مسجلة أسوأ أداء شهري لها منذ يوليو 2023.
يشير بن باكنر، محلل الحبوب في شركة “إيه جي ريسورس”، إلى أنه لا يوجد تأكيد رسمي من الجانب الصيني بشأن الالتزام بشراء 12 مليون طن. وتقدر شركة الوساطة أن الصين قد تسعى إلى تحقيق هدف “مرن” يبلغ 10 ملايين طن في عام 2024، مع إضافة مليوني طن في يناير.
تنويع مصادر الاستيراد الصينية
بالتوازي مع زيادة مشتريات فول الصويا الأمريكي، تواصل الصين تنويع مصادرها للاستيراد، مع شراء كميات كبيرة من البرازيل والأرجنتين. حوالي 80% من صادرات فول الصويا البرازيلية ذهبت إلى الصين في عام 2023، بزيادة قدرها 16% مقارنة بالعام السابق.
ويستمر هذا الاتجاه في ديسمبر، على الرغم من أن الطلب يكون عادة أضعف خلال هذه الفترة. من المتوقع أن يكون موسم الحصاد القادم في البرازيل قياسيًا، مما قد يزيد من الضغط على الأسعار ويقلل من الاعتماد على المصادر الأخرى.
تُظهر بيانات التجارة العالمية أن الصين تسعى إلى تأمين إمدادات مستقرة من فول الصويا لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الأعلاف الحيوانية، خاصة مع النمو المستمر في قطاع تربية الخنازير والدواجن.
ردود فعل المزارعين الأمريكيين
أعرب العديد من المزارعين الأمريكيين عن ارتياحهم للتدفق المستمر للمشتريات من الصين، لكنهم ما زالوا يشعرون بالإحباط بسبب اتجاه أسعار فول الصويا. وقال مات بينيت، مزارع فول الصويا في ولاية إلينوي، إن المزارعين كانوا يأملون في رؤية ارتفاع أكبر في الأسعار بعد الإعلان عن التعهدات التجارية.
وأضاف بينيت، الشريك المؤسس لشركة “إيه جي ماركت دوت نت”، أن تحديد كمية الشراء بـ 12 مليون طن لم يكن كافيًا لإثارة حماس الجميع. في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن الرئيس ترامب عن حزمة دعم بقيمة 12 مليار دولار للمزارعين الأمريكيين، لكن المزارعين ينتظرون تفاصيل حول حجم المدفوعات التي سيحصلون عليها.
تعتبر قضية الزراعة الأمريكية مهمة للغاية، حيث يعتمد قطاع كبير من الاقتصاد الأمريكي على إنتاجية المزارع وقدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية. تأثير التوترات التجارية على هذا القطاع يظل موضوعًا رئيسيًا للمراقبة.
في الختام، بينما تشير مشتريات الصين من فول الصويا الأمريكي إلى التزام نسبي بالاتفاقيات التجارية، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن المستقبل. من المتوقع أن تواصل الصين تنويع مصادرها للاستيراد، وقد يؤدي موسم الحصاد القياسي المتوقع في البرازيل إلى زيادة الضغط على الأسعار. سيكون من المهم مراقبة التطورات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى بيانات الإنتاج والاستيراد العالمية، لتقييم التأثير الكامل على سوق فول الصويا.










